*الدكتور أكرم حجازي
على أولئك الذين يبررون لحماس العلاقة مع إيران بحجة الحصار أن يدركوا أمرين على الأقل:
الأول:
أن علاقة حماس مع إيران بدأت منذ التأسيس. أي منذ أكثر من 15 عاما قبل الحصار سنة 2006.
وبالتالي فالحصار ليس حجة. لكن ماذا لو توافق النظام الدولي مع إيران على البرنامج النووي والدور الإيراني في المنطقة؛ فهل ستصمد هذه الحجة بعد أن تغدو حماس هدفا مباشرا؟ وهل بحثت حماس عن مخارج لما ينتظرها من مآزق وكوارث؟ أم أنها رهنت بقاءها وزوالها بإيران؟
الثاني:
منذ انطلاقة الربيع العربي2011 تدخلت إيران واستقدمت ميليشياتها الرافضية من شتى أنحاء العالم، وذبحت السوريين وهجرت أكثر من نصفهم في شتى أصقاع الأرض، وقتلت مع الروس ونظام النصيرية مئات الآلاف منهم، وأحدثت أخطر تغيير ديمغرافي رافضي في الشام، عمق الحاضرة الإسلامية الثالثة أما أفغانستان؛ فإيران هي من أعلنت أنها سهلت على الأمريكيين احتلالها، وهي من تسلمت العراق من الأمريكيين ومعهم 30 دولة حليفة. وفي لبنان باتت الآمر الناهي وتتمدد عقديا وأمنيا وعسكريا في شتى بقاع العالم الإسلامي.
سؤال لطالما تعرضت له حماس عشرات المرات من قيادات المعارضة العربية:
هل كانت حماس ستقبل لو أن ضحايا الاستبداد وإيران من الثورات العربية وبلاد المسلمين استعانوا بـ«إسرائيل» وشكروها لمساعدتهم على الإطاحة بطغاتهم وعودة المهجرين ولملمة جراحاتهم وتفقد موتاهم ومفقوديهم وخسائرهم؟
هل كانت ستقبل أن يهدي هؤلاء الضحايا انتصارهم على المستبدين لـ«إسرائيل»؟
هل كانت ستقبل حماس لو أن المسلمين قبلوا بأطروحة «إيران أخطر من إسرائيل»، وباركوا تطبيع النظم مع «إسرائيل»؟
هل كانت ستقبل الأمر ذاته من المعارضات العربية ونشطاء الثورات والقوى الحيوية في الأمة بحجة السلام والأمن والازدهار كما تروج نظم التطبيع وذبابها؟
والشعوب المقهورة لو أنها سقطت في وحل التطبيع مع «إسرائيل»؟
يا حماسكل الأمة مستهدفة حتى في الإبادة .. مسلمي العراق ولبنان وسوريا واليمن من إيران وأمريكا .. ومسلمي الإويغور في تركستان من الصين .. والروهينجا في ميانمار .. ومسلمي أفريقيا الوسطى من فرنسا ومرتزقة فاغنر .. ومسلمي أسيا الوسطى من الروس .. ومسلمي الهند وكشمير من الهندوس ... وظلمات تتسع باتساع الكرة الأرضية حتى بات المسلمون مستهدفين بالردة على مستوى الأفراد وليس فقط الشعوب والجماعات.
كل الأمة محتلة وواقعة تحت الهيمنة والقهر والحصار والمظالم والفساد والانتهاكات والذبح والتهجير والمطاردات والاعتقالات والحرمان والبؤس والنهب، والحرق والإغراق .. وليس أنتِ فقط. هؤلاء دماؤهم وعذاباتهم ومآسيهم ولوعاتهم وحسراتهم واحدة، تتساوى مع دماء الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، وليس أقل من ذلك. الفرق الوحيد أن بلاد بيت المقدس والمسجد الأقصى توحدهم جميعا في مشارق الأرض ومغاربها، حتى لو لم يسمع بهم أو ينتصر لهم أو يشعر بمعاناتهم أحد. هؤلاء ينتظرون نصرة لهم من أهل بيت المقدس لا تقلّ عن نصرتهم لها.
بمنطق حماس: فالمحلل على بلابل الدوح محرم على الطير من كل جانب. لكن؛ إذا كان السؤال: ما البديل عن إيران؟ فالجواب ليس خافيا من الله عز وجل:(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا).
* كاتب وباحث ومفكر
مؤسس مركز المراقب للدراسات والأبحاث
تعليقات
إرسال تعليق