الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف
أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة الموصل
سألني قبل قليل احد الاخوان وانا اكتب عن رسالة الماجستير الموسومة (الحياة الاقتصادية في الموصل والجزيرة الفراتية من خلال بعض المصادر السريانية التاريخية) والتي قدمها الاخ الاستاذ ابراهيم حسن محمد حسن الى مجلس كلية التربية للعلوم الانسانية 2020 بإشراف الاخ الدكتور سعد رمضان محمد الجبوري عن المقصود بالجزيرة الفراتية واجبته باختصار واعتمادا على ما جاء في موسوعة ( المعرفة) الالكترونية.
اقول ان المقصود بإقليم الجزيرة الفراتية هو المنطقة الواقعة ما بين نهر الفرات ونهر دجلة وتسمى ايضا الجزيرة السورية. وكما ورد في رسالة الماجستير المشار اليها اعلاه فان الجزيرة الفراتية هي الاقليم المحصور بين اعالي نهري دجلة والفرات ومنابعهما ويدعوها الكلدان بيث نهراوثا اي بين النهرين ووردت في سفر الخليقة على انها سهل شنعار ويحد الاقليم من الشمال منابع الفرات وروافده وسلسلة جبال طوروس ومن الجنوب ارض السواد من العراق ومن الشرق والشمال الشرقي نهر دجلة ومن الجنوب نهر الفرات حتى هيت والأنبار.
وقد فصل في كل هذا العميد الركن طه الهاشمي في كتابه ( مفصل جغرافية العراق) 1930 ، والدكتور عبد الحكيم الكعبي في كتابه ( الجزيرة الفراتية وديارها العربية ( ديار بكر ،ديار ربيعة ،ديار مضر ) دراسة في التاريخ السياسي والاجتماعي قبل الاسلام (دمشق ،2009) ، وسبق للأستاذ الدكتور سوادي عبد محمد الرويشدي ان اصدر كتابه عنها وهو بعنوان (الاحوال الاجتماعية والاقتصادية في بلاد الجزيرة الفراتية خلال القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ) . واول من درسها الأخ والصديق الأستاذ الدكتور محمد جاسم المشهداني في اطروحته ( الجزيرة الفراتية والموصل : دراسة في التاريخ السياسي والاداري (127 - 218هـ / 744 - 833م) 1975 والتي قدمها الى كلية الآداب بجامعة بغداد ، وكتابه فيما بعد (الجزيرة الفراتية والموصل ) 1977 .
كما درسها الاستاذ الدكتور علاء محمود كداوي في العهد المغولي من خلال كتابه الموسوم (الموصل والجزيرة الفراتية في عهد دولة المغول الإيلخانية) 2015 .
وهكذا فالجزيرة الفراتية دُرست ، ومع هذا فهي بحاجة الى دراسات أوسع وأعمق لأهميتها في التاريخ العربي والاسلامي .
من الامور التي لابد من الوقوف عندها ان في منطقة الجزيرة عدة انهار ومنها الفرات ودجلة والخابور وفيها - كما هو معروف - تنوع كبير من حيث طبيعة الأرض من سهول وهضاب وجبال وأودية وأنهار. .واقليم الجزيرة خصب يشتهر بزراعة الحبوب ومنها الحنطة والشعير وكذلك القطن والسمسم والخضراوات والعدس والاقليم تاريخي شهد قيام اقدم الحضارات في العالم.والمناخ في الاقليم متوسطي شبه جاف يتميز بالصيف الطويل الجاف والشتاء واضح البرودة ومتعدد الأمطار بينما الربيع معتدل مع أمطار متقطعة.
ويضم اقليم الجزيرة تاريخيا كل من محافظة نينوى و محافظة صلاح الدين (تكريت) و محافظة كركوك وأغلب مناطق محافظة أربيل و دهوك وقسم من محافظة الأنبار حتى مدينة حديثة في العراق ومحافظة الحسكة بشكل كامل فضلا عن عدد من المناطق من محافظتي دير الزور والرقة في سوريا. ومحافظات أورفا وماردين ودياربكر وبطمان وسعرد وشرناق وأديامان ووان وبدليس وإلازغ أو معمورة العزيز بشكل كامل واجزاءمن بينكل وملطية في تركيا. ويطلق حاليا اسم الجزيرة في الغالب على المنطقة بين الحسكة والموصل.
وسكن في اقليم الجزيرة الآراميون وأسسوا فيها عدة ممالك سقطت تحت سيطرة الآشوريين, وهاجرت إليها قبائل عربية . كما شهدت المنطقة في ظهور ممالك سريانية وعربية مثل مملكة الرها والحضر وتدمر وحدياب. كما أصبحت مركزا مهما من مراكز المسيحية السريانية في القرون المسيحية الأولى.
وبعد ظهور الاسلام حكمها العرب في العهود الراشدية والاموية والعباسية
. كما نشأت فيها إمارات إسلامية كالزنكيين والأيوبيين والحمدانيين وغيرهم.
وتشير الكتابات التاريخية إلى منطقة الجزيرة باسم إقليم آقور وهو أحد الأقاليم العربية السبع التي تناولها البلدانيون العرب ومنهم اشمس الدين المقدسي المتوفى 990 م في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) فهو يقول : " هذا أيضا إقليم نفيس
ثم هو ثغر من ثغور المسلمين ومعقل من معاقلهم لأن آمد اليوم دار جهادهم ، والموصل من أجل انضادهم. وجزيرة ابن عمر أحد منازلهم، ومع ذلك هو واسطة بين العراق والشام ومنازل العرب في الإسلام. ومعدن الخيل العتاق، ومنه ميرة أكثر العراق. رخيص الأسعار ، جيد الثمار ، ومعدن الأخيار. أما الهواء والرسوم فمقاربة للشام مشابهة للعراق، وبه مواضع حارة، وبه نخيل مثل سنجار ومدن الفرات، وكورة أمد باردة لقربها من الجبال ، وأصح بلدانه هواء الموصل. وأكثر بنيانهم الحجارة ، ولا أعرف به ماء رديا ، ولا واديا وبيا ، ولا طعام إلا تجده مريا. ولغتهم لغة حسنة أصح من لغة الشام لأنهم عرب، أحسنها الموصلية وهم أحسن وجوها ، وهي أصح هواء من سائر الإقليم.
تعليقات
إرسال تعليق