القائمة الرئيسية

الصفحات

توتر غير مسبوق بين الغرب وروسيا . العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ

 

العميد مصطفى الشيخ

بدون أدنى شك فإن التدخل الروسي في سوريا ليس القصد منه بأي شكل من الاشكال هو الإبقاء على النظام، بل هو مرتبط بشبه جزيرة القرم واوكرانيا وقضية نشر الصواريخ المتوسطة والبعيدة في أوربا 

وفي بولونيا على وجه الخصوص ، وتريد روسيا فقط ان تستخدم وجودها في سوريا كورقة ضغط ضد الغرب من اجل حل مشكلة أوكرانيا التي تعتبرها روسيا هي الهاجس المرعب للروس كونها على حدودها مباشرة ، وبالتالي فإن الامن القومي الروسي في خطر وفق رؤية روسيا والتي تعتبره خط أحمر لا مساومة عليه على الاطلاق مهما كانت النتائج ، اما بالنسبة لأمريكا فتسعى جاهدة  لاستنزاف روسيا في فتح مزيد من البؤر ، فكيف اذا كانت على حدودها ؟
ناهيك ان الوضع في كازخستان اصبح مرشح للانفجار في اي لحظة وغير مستقر ، حيث سارعت روسيا للتدخل كي تسيطر على الوضع قبل ان يتطور كما حصل في سوريا بل وبنفس التهم التي اتهمت بها الثورة السورية تماماً  ، وعندما تنظر الى الخارطة ترى بوضوح تطويق الروس في بؤرتين -الكزاخستانية و الاوكرانية-  وبالمقابل فإن روسيا في سوريا ، اي فيما لو انفجر الوضع في اوكرانيا، فإن روسيا من الوارد ان تترك سوريا ذات الموقع الحساس لإسرائيل ، وقد المحت لذلك علناً منذ فترة قريبة كما نعرف ، وفيما لو تركت روسيا سوريا فإن انفلاش الوضع في سوريا يعتبر بمثابة ضربة قوية لأمن اسرائيل والمنطقة ، ومن الواضح جداً ان سكوت روسيا عن الضربات الاسرائيلية يعتبر بمثابة ترك الباب موارباً لاحراج امريكا من خلال ضغط اسرائيلي على الغرب للجلوس على طاولة المفاوضات وحل الوضع في اوكرانيا وهنا جوهر الصراع مع الروس ، إلا ان امريكا تبدي عدم رغبة في ذلك وترك تلك البؤر في حالة نمو وتطور بالاضافة إلى مزيد من الضغط على الروس والذي قد يؤدي الى انفجار الوضع الداخلي في روسيا التي تعاني ايضاً من عقوبات غربية مرهقة وهي ايضاً مرشحة للزيادة وليس العكس ، وبالتالي هناك استراتيجية متعمدة باستخدام لعبة الزمن ، ويتضح ذلك من خلال ما حصل في سوريا تماماً ، حيث أن روسيا لا تستطيع ان تسقط اي حل لسوريا ويبقى الامر كما هو الحال معلقاً في سوريا والتي تحتضر وتصارع الموت ، وروسيا لا تود ان تصرف دولارا واحدا في سوريا أملاً في مقايضة سوريا بأوكرانيا ، الا ان هذا الخيار بات من الماضي امريكا اليوم تظهر عدم مبالاة بسوريا وكأن الامر لا يعنيها ، وقد اتضحت بجلاء سياسة امريكا اتجاه روسيا .. مزيد من الوقت مع مزيد من فتح بؤر التوتر ، وبالمقابل فإن روسيا اصبحت امام خيارات جداً خطيرة ، ولم يبقى لها اي خيار متاح الا بعمل عسكري اتجاه اوكرانيا وليكن الطوفان وفق تصريحات الروس خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية فقط مع تزايد الحشود العسكرية الروسية على حدود اوكرانيا ، وكل التصريحات الروسية بعد محادثات جنيف تدل على فشل هذه المحادثات ، وتصريحاتها اليوم تعكس ذلك الفشل وجوهرها ينحسر في عبارة واحدة وهي ان صبرنا بدأ ينفذ ، وهي تحشد وتستعد  لاجتياح أوكرانيا فيما اذا لم يستجاب لمطالبها، هذا التطنيش الغربي للروس من قبل الغرب وامريكا مع استخدام لعبة الزمن، أفقد موسكو صوابها ووضعها في موقف غاية في الخطورة بالفعل
والسؤال المهم هو هل تريد امريكا توريط روسيا بأوكرانيا ؟ لا اعلم .. ولكن ممكن ذلك ،،، وبكل الاحوال فإن التصعيد الحالي يعتبر اخطر تصعيد بعد الحرب العالمية الثانية بدون شك ، ولكن اكاد اجزم ان امريكا لن تلجأ للمواجهة العسكرية مع الروس ولو احتلت اوكرانيا بل لديها مجالات كثيرة جداً للتعامل مع الروس قد تفوق بنتائجها المضمونة الصدام العسكري بما لا يقاس 

وبالنتيجة فإن هذا العام اعتقد انه خطير جداً على العالم كله ، والذي سيشهد بداية التحول نحو نظام عالمي جديد مختلف تماماً عن المئة عام الماضية ، وما يحصل اليوم يبقى "لعب عيال" امام الصراع الجوهري الحقيقي بين امريكا والغرب من جهة والصين من جهة أخرى ، وما يحصل مرتبط ارتباطاً عضوياً به ، ولا ننسى كذلك ايران وتركيا وتحالفاتهم الشكلية مع الروس والذي يشكل اشكالات اضافية في هذا الصراع تكلمت عنها سابقاً ، بكل الاحوال من المبكر الحكم قطعياً من سيربح هذه الحرب.

author-img
عين على ما يحدث من أمور و سبر لما خفي بين السطور

تعليقات