في السنتين الأخيرتين، بات واضحاً لكل مشتغل في الحدث السوري هذا الأمر، لذلك نأى الجميع بأنفسهم عن الولايات المتحدة، ولا نخفيكم سراً إذا قلنا لكم أن الكثير من السوريين في الداخل وفي تركيا يُطلَب منهم الاجتماع مع الأميركان، فيعتذرون عن ذلك متذرعين بحجج كثيرة: ليس لدينا وقت... ابتعدنا عن الحدث السوري... إلخ
ويحاول الأميركان الآن معرفة الجيل الجديد من السوريين الذين بدؤوا بفقدان العلاقة معه، وذلك لأنهم يريدونه في المواجهة مع روسيا مستقبلاً وليس الآن.
الحدث السوري بالنسبة للولايات المتحدة اليوم يندرج ضمن مسارين متباعدين: الأول هو ضمن نقاشاتهم مع إيران بخصوص الملف النووي وملفات أخرى مثل الملف الصاروخي والسيطرة على الشرق الأوسط، وهذا واضح في أحاديثهم، أما المسار الثاني فهو في حال فشلت المفاوضات مع إيران، ونحت إيران منحى الصين وروسيا، وعندها فإن الولايات المتحدة ستعمل على خلق المشاكل لإيران في الداخل السوري، أما اليوم فإن أميركا تريد خلق المشاكل لروسيا وليس لإيران في الداخل السوري، لكنها فعلاً لا تجد من السوريين من يثق بها لتسليم نفسه لهذا الملف، ولذلك طرحت عدة أفكار ونظمت عدة اجتماعات في تركيا: من لديه أفكار؟ من لديه الرغبة في الانخراط في مشروع خلق المشاكل لروسيا في سوريا؟ (هذا هو عنوان المشروع فعلاً)، لكن وبعد عشر سنوات من تجريب الأميركان، بدأ السوريون ينأون بأنفسهم عن أي حدث مرتبط بالأمريكي، ويدركون أن وصول هذا المبعوث أو ذاك المبعوث لن يغير في الأمر شيئاً.
الحدث السوري مفتوح الآن على محاولات كثيرة أوروبية لخلق مسار جديد للحل، والمقصود بالأوروبية: ألمانية ومرتبط بها هولندا والدنمارك، وفرنسية لوحدها، وبريطانية مرتبطة بالأميركان بعد أن أدركوا أن أحداً لم يعد يصدقهم، فدفعوا بالبريطانيين ليكون هناك طرح بريطاني جديد لسوريا تحت عنوان "إتعاب روسيا في سوريا"، وبالتالي سنجد الولايات المتحدة منخرطة بشكل جيد في المسألة السورية إذا فشل نقاشها مع إيران في الملف النووي وكل ملفات المنطقة، وأما إذا لم يفشل نقاشها مع إيران، فسنجد أنها ستترك كل المنطقة لإيران وستبتعد لتكتفي بدور المراقب من بعيد.
* ديمتري بريجع صحفي ومحلل سياسي روسي
تعليقات
إرسال تعليق