حرص نظام الأسد منذ البداية على حرف الثورة عن مسارها الطبيعي السلمي وعمل على إضفاء طابع عسكري دموي عليها لتحويلها إلى "حرب داخلية" وصراع استقطابي إقليمي مستفيداً من تناقضات مصالح الدول الكبرى، فبعد تفاقم حالات الانشقاق في الجيش السوري أُعلِن عن تشكيل أول تنظيمٍ عسكريٍّ يوحّد أولئك العسكريين وهو (لواء الضباط الأحرار) ثم تلاه إعلان تشكيل (الجيش السوري الحر)، الذي قام بتنفيذ كثير من العمليات العسكرية ضد جيش الأسد آنذاك.
اجتذبت الأزمة مقاتلين من لبنان والعراق بالتزامن مع تدخل نظام إيران وحزبه اللبناني بالمال والخبرات والمقاتلين لصالح نظام الأسد وميليشياته، ثم تطورت الأحداث دافعة الثوار إلى التحالف مع بعض الدول في مواجهة إجرام النظام من جهة، ومواجهة الميليشيات الانفصالية التي طعنت الثورة في ظهرها من جهة أخرى، وبسبب ضعف التنظيم وتهميش الكفاءات والافتقار إلى القيادة المهنية الموحدة، انعكست معظم تلك التحالفات سلباً على الثورة السورية حيث حولت معظم تلك الفصائل إلى أدوات تنفيذية لأجندات "الداعمين" وابتعدت عن الهدف الأسمى الذي انفجرت الثورة من أجله.
ومع دخول الثورة السورية عامها الحادي عشر تبدو الآفاق السياسية والعسكرية مغلقة في ظل استعصاء تحقيق إنتصار عسكري كامل على النظام المجرم، أو الوصول إلى حلٍّ سياسيّ يحقق طموحات الشعب السوري، أو يصل إلى مستوى التضحيات الجسام التي قدمها، كما تفاقمت أزمة ملايين اللاجئين السوريين الذين تفرقوا وانتشروا في أصقاع المعمورة، فكثيرة هي الجبهات التي فُتحت طيلة تلك الأعوام لمحاربة السوريين والتضييق عليهم بغية تهجيرهم أو "تهجينهم" وأهمها :
1 - تيار العمائم : ومنهم الذين يحاربون الناس باسم الدين ويكفرونهم ومهمتهم تشويه الدين كي يبتعد الناس عنه، وهما نوعان (نوع يعلم مايفعل فذاك خنزير وعميل معتّق، و نوع يساقُ من لجامه كحمار الأسفار الأحمق).
2 - تيار الغنائم : ومنهم حيتان المعابر الذين يستغلون الناس ويحاربونهم في رزقهم وقوت أطفالهم.
3 - تيار الذمائم : ومنهم الذين يروجون لأفكار لا يقبلها الدين ولا الأخلاق ولا الفطرة الإنسانية السليمة (كالنسوية والمثلية والجندرة).
4 - تيار البهائم : وهم الذين يشكلون الحواضن الشعبية لكل ما سبق ذكره من تيارات.
وفي ظل الأوضاع الدولية والإقليمية اليوم التي اتسمت بالتحولات والتقلبات السريعة، تحاول أغلب الأطراف الفاعلة كسب مزايا وإثبات وجود ومراكز قوة لها في هذه البقعة الجغرافية الحساسة وعلى حساب الشعب السوري، أما عن تحقيق تسوية سياسية مُرضية فتبدو بغاية الصعوبة في ظل وجود نظام حكم لا يريد أن يطوي صفحة قاتمة من تاريخه الإجرامي الدموي، وما يعنيه اليوم هو الاستمرار والبقاء وتسجيل انتصاراته الوهمية، وكل ذلك يُرجّح استمرار معاناة السوريين داخل سوريا وخارجها لفترة قد لا تكون قصيرة.
شاركوا المقالة مباشرة عبر حساباتكم من هنا 👇
👍👍👍
ردحذف