القائمة الرئيسية

الصفحات

العالم على شفا الحرب العالمية الثالثة العميد مصطفى الشيخ

 

العميد مصطفى الشيخ

اكتب كمراقب واوصف توصيفاً او هكذا ارى المشهد اليوم …..

ابداً ليس العنوان محض خيال بل هو حقيقة نراها بأم اعيننا وهي تتدحرج نحو الهاوية ، العالم الذي بدأ عملياً يحبس انفاسه عندما بدأت الحرب الاوكرانية الروسية ، والأمريكي الذي راح يعيد توزيع انتشار قواته في بحر الصين الشمالي والجنوبي وشرق آسيا  ، متفرغاً لدعم اوكرانيا ومهملاً الشرق الأوسط ومطلقاً يد ايران فيه ، ليصحى في السابع من اوكتوبر على ما كان يتوقعه ، فقد تفرغ بعد ان حشد قواته وهو يفرك يديه فرحاً ان انتصاره ضد روسيا والصين مبنياً على هيبة القوة ، لم يخطر بباله يوماً ان تنفجر غزة وتغير المعادلات الدولية وتزجه في  مأزق تظهر فيه حجم الخلل الاستراتيجي في السياسة الامريكية وعيوبها التي اصيبت في مقتلها ، بينما الصين وروسيا يتنفسون تنفس الصعداء وهم يرون القيادات الامريكية والاوربية والاسرائيلية فاقدين توازنهم وهداهم ويتصرفون في لحظة زمنية تبدو انها باتت متأخرة وقديمة ليصحو بعد نوم عميق وأن عليه ان يدخل الصراع المسلح في زمان ومكان ما كان يعتقد يوماً انه سيحصل 

ورغم فقدان التوازن فهو يستجدي ايران بعدم فتح جبهة لبنان وحصر المعركة في غزة ، والاسرائيلي المطعون في عموده الفقري يفقد توازنه ويطارد انتصاراً يعيد الثقة لدى الشعب الاسرائيلي التي تدمرت بعد ان انهكه الخلافات والانقسامات الداخلية التي جرها اليمين المتطرف منذ مقتل رابين وليومنا الحالي 

ولأول مرة منذ قيام اسرائيل تضرب القواعد التي بنيت عليها وهي القوة ، فهزيمة الدول العربية في 1967 وايضاً في شبه الهزيمة في 1973 ومواقف العالم الداعم لهم وبلا حدود قد جعلهم يفقدون النظر في اعماق البحيرة الهادئة ويعيشيون حالة البطر والترهل ، فشباب اسرائيل اليوم المدعو للقتال شباب مرفه يعيش مع الانترنيت وصرعاته وغير مؤهل ان يدخل في صراع هو غير مؤهل بالاصل لخوضه  فهم في رفاه يعيشون ، فلا ضباط الجيش هم الأقدمون ولا الجند الذي كنا نعرفهم ، إنها سطوة الزمن وسيرورة الوجود القائم على التبدل والتحرك والتغير في كل لحظة ، وبالمقابل فإن الشعوب العربية في مجرة وحكامها في مجرة أخرى ، فالشعوب تتخلق من المحن وليس من الترهل ، على عكس الحالة الاسرائيلية فإن الشعوب العربية قابلة في كل يوم للإنفجار رغم الدروس التي تم تلقينها في الربيع العربي لانها وصلت لمرحلة يحتم عليها الانفجار ، فالحال تغير وسيتغير حتماً ، ذلك لأن التغيير سنة الوجود القهرية لا يمكن السيطرة عليها او التحكم بها ، أما ايران الفارسية فهي صاحبة الصوت الاعلى بين دول الشرق الاوسط بلا منازع ، هذه الدولة المنحرفة اخلاقياً وقيمياً ،ومن اوصلها لأن تلعب هذا الدور هي امريكا بلا تردد ، فاسرائيل تقرع امريكا والغرب في الخفاء قائلة لهم انتم تتحملون كامل المسؤولية ، وفي العلن تصريحات نارية وغير مسبوقة في التاريخ من المسؤولين الغربيين واشهرها تصريح بلينكن الغير متوازن والذي يعتبر نفسه زائراً اسرائيل كيهودي في خروج تام عن القيافة الدبلوماسية ، ناسياً انه يمثل الدولة الاعظم والاقوى في العالم ، علها تكف اسرائيل عن التقريع لهم بتبني الدور الايراني الذي دمر الشرق الاوسط وهم يتفرجون الى ان اصبحت ايران دولة ندية وتهدد إسرائيل ومنفاسة ويطلب ودها وترجوها ان لا تطلق يد حزب الله ، كل هذا الطيش والخوف ان تصبح الحرب مفتوحة وتضطر امريكا لاعادة انتشار قواتها واغراقها في حرب لا يعرف نهايتها الا الله  ، والسبب انها ستحارب مليشيات وليست جيوشاً نظامية ، وبكل تأكيد فإن ايران ان تركت حماس وغزة تباد فهذا يعني ان الدور سيأتي عليها حتماً ، ذلك لأن ايران باتت النسق الاول لروسيا والصين ، وما ادراك ان وراء حرب غزة الصين وروسيا وايران ؟ وعلى الاغلب وبالمنطق فالجواب بالتأكيد نعم ، واذا كان الامر كذلك فهذا يعني انها الحرب ستتطور لانها بحقيقتها ليست حرباً ايرانية اسرائيلية ، بل هي حرب المحور الشرقي والمحور الغربي الذي نشهد استقطاباته الحادة تجلت منذ سنين في ابطال مفعول مجلس الامن تماماً ، وايران هي الدولة الشاطرة في استخدام الزمن والمقايضات ببراعة ، ما اخشاه ان تقبل امريكا مع ايران المقايضة في سوريا .

اصدقائي وقرائي الاعزاء كما ترون الاستقطاب الدولي وحدة هذا الاستقطاب ، هو السبب في تقلب المواقف بين يوم وآخر ، وبالتالي حتى مراكز الابحاث المرموقة وقعت في حيص بيص كما يقال خلال السنين السابقة ، فكلما نقدم قراءة منطقية ونراها انها الأكثر منطقية ، نفاجئ في اليوم الثاني بتغير في المواقف وبشكل جذري ، وهذا يدل على ان العالم كله وقضاياه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ، ذلك لأن الصراع الحالي يعتبره الجميع وجودي ، وبالتالي فإن العالم مأزوم ومتخبط وخاصة امريكا التي تكاد تفقد توازنها ، فكل الخيارات امامها قاسية وستؤدي الى نتائج كارثية على ما خططت له ، وبالتالي فإن ما يجري في حقيقته مرعب ومخيف ، وهذا الارتباك الواضح لهو اكبر دليل ان القوم في حيص بيص ، وحق لهم ذلك ، وهذا يعني ان الاستراتيجية الامريكية حتماً سيتم النظر فيها تماماً ، ودائماً الطرف الاضعف هو من يدفع الثمن الأكبر ، والدول العربية حتماً هي الأضعف للاسف وهذه حقيقة ، فما كان يصلح او متوقع ان يشكل فارقاً بدون ادوات خشنة اصبح اليوم هشيماً تذروه الرياح ، وأعني السياسات العربية تحديداً ، ويؤسفني القول أن الضعيف عبر التاريخ لا مكان له ولا احترام له ، فحينما قبلت الدول العربية ان تتنازل عن دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء ، لم تعي أنها فقدت كل مقومات وجودها …

author-img
عين على ما يحدث من أمور و سبر لما خفي بين السطور

تعليقات