القائمة الرئيسية

الصفحات

السيناريوهات المحتملة في الشرق الاوسط . العميد مصطفى الشيخ

 

العميد مصطفى الشيخ

بداية من المؤكد يقيناً ان الحشودات الهائلة الامريكية الآن الهدف منها ايران ووجودها في سوريا ولبنان والعراق الذي اوصل الشرق الاوسط الى شلل تام وحولها الى بؤرة موبوئة أثرت على الاستقرار السياسي والاقتصادي الاقليمي والعالمي 

 وبالتالي ما هو الجديد ولماذا قررت امريكا انهاء الدور الايراني الآن ؟ والجواب أن المنطقة باتت بعد التخادم الامريكي الايراني جاهزة لانتاج شرق اوسط جديد ، وان التوقيت الآن يعطي كل الامكانات لنجاح امريكا فيما تذهب اليه ، بسبب الحرب الاوكرانية الروسية وانهاك الروس في اوكرانيا وعدم قدرة موسكو بتوسيع نطاق المواجهة مع الغرب ، والثاني فشل المباحثات النووية مع طهران ، واشتراك ايران فعلياً بدعم روسيا ، وعدم قدرة دول المنطقة على تحمل اكثر من تداعيات الازمة السورية واللآجئين ، ومن يمعن النظر اكثر يدرك ان حلقات احكام الطوق الخانق على ايران قد استكملت تماماً ، من ازربيجان وافغانستان مع حصار اقتصادي خانق ، وزيارة كيسنجر للصين التي قد تكون اسهمت فعلياً في استيعاب تطلعات وهواجس الصين ،فالتوقيت لانهاء الدور الايراني قد اختير بعناية فائقة ، وبالتالي هناك ثلاث سيناريوهات للحرب في المنطقة : 

الأول : ضرب حزب الله في لبنان ، والجميع يلاحظ تطورات الاحداث في لبنان وتوقيتاتها ، وان اي ردود افعال على الحرب على حزب الله تكون فيها القوات الامريكية جاهزة لأي احتمال تصعيدي . 

الثاني : قطع الخط الواصل بين ايران وسوريا في المنطقة 55 ، منطقة البوكمال وقطع الطريق الايراني لسوريا ولبنان ، وأن اي رد محتمل تكون فيها القوات الامريكية جاهزة للتعامل معه .

الثالث وهو الأهم : توجيه ضربة خاطفة صاعقة لإيران بحيث يتم تدمير المنشآت النووية ومراكز انتاج الصواريخ البالستية ومستودعاتها وكذلك الطائرات المسيرة ومراكز القيادة والسيطرة ، وذلك خلال مدة اقصاها اربع وعشرين ساعة او أقل . 

والمرجح هو الخيار الثالث ، لماذا ؟ اذا كانت امريكا ستخوض حرب ولا بد ، فإنها بدلاً من ان تنال الأذناب فهي تطال الرأس وتنهي التمرد الايراني وتنهي الدور الايراني في المنطقة وهناك ما يبرر ذلك لفشل المباحثات النووية 

والدليل على احتمالية هذا التوجه هو كمية وحجم الحشود الغير مسبوقة في المنطقة بعد سلسلة مناورات في المنطقة ومع جميع دول المنطقة بدون استثناء والتي لم تتوقف من سنين ، واضف لذلك امراً غاية في الأهمية وهو ان هذه الضربة ستساهم في قصم ظهر روسيا وهذا هو الهدف الاستراتيجي الابعد ، لانها ستفقد اهم حليف لها في حربها ضد اوكرانيا ، الأمر الذي بموجبه تكون روسيا قد احكم الطوق عليها ، خاصة بعد تصريحات الرئيس الاوكراني زيلنسكي بقطع الملاحة في البحر الاسود ، هذه التصريحات التي جائت للتو وفي هذا التوقيت يشعرك بهذا التوجه الامريكي ، لأن اس الصراع الدولي هو انهاء روسيا وتفكيكها وتحويل روسيا من دولة تشكل مساحتها خمس مساحة العالم وعدد سكان يفوق المئة وخمسين مليون وثروات هائلة الى دولة خارج قيادة النظام الدولي الجديد الذي تعمل عليه واشنطن بوضوح شديد ، وبالتالي فإن الارجح ان يتم ضرب ايران ، وربما تبدأ في سوريا بحجة اغلاق المنطقة او بلبنان ومن ثم تكون ردات فعل ايران واذيالها حجة لضرب ايران ، وفي كل الاحتمالات فإن الهدف الحالي هي ايران ، وبنتيجة ضرب او تحييد ايران تنعكس على روسيا وهذا هو الهدف الاستراتيجي الأمريكي ، وهذا ليس سراً بل تقوله وتعترف به القيادة الروسية علناً 

وبالتالي فإن ما يعطي هذه الدلالات بضرب ايران هو التوقيت وما سبقه من تحضيرات حول ايران من حشودات طالبان الافغانية ، الى انشاء قواعد جوية واستخباراتية في ازربيجان وقطع تام ومطلق كل منافذ الدعم عن نظام الاسد ، وتصريحات الصفدي التي تحمل في طياتها قد اعذر من انذر ، وتدهور العلاقات الخليجية مع النظام وعودتها الى الحرب الإعلامية ، وتوتر ايضاً في العلاقات بين دول الخليج وايران ، واقناع الصين عملياً بأن ايران لا يمكن ضبطها وهو تمنع من اي استثمارات لها في المنطقة

 وهذا عامل جديد قد دخل على المعادلة بحيث تقف الصين على الحياد وتحمل المسؤولية لطهران بعدم ايفائها بتعهداتها للصين ، كلما دققت اكثر بالتغيرات والمعطيات في الاقليم والعالم كلما اتضح لك هدف الحشود العسكرية الامريكية في المنطقة ، ولا ننسى ابداً ان نضيف لهذه الحشود اسرائيل والسعودية ودول الخليج وتركيا والاردن ومصر ، فالمنطقة برمتها هي حليفة لامريكا تاريخياً واسلحتها منها ، والأرض تعمل بوضوح لصالح امريكا وهي ساحتها ولا منازع لها ، وما عليك الا ان تجمع جميع هذه المقدرات لتدرك ان الهدف حالياً ايران ولا سواها ، ومع ذلك لا زالت الحشود الامريكية والغربية بتدفق بوتيرة غير مسبوقة .

وهنا لا بد ان اضيف ما يتعلق بسوريا ، فإن النظام السوري قد اقيمت الحجة عليه وبلسان بشار الاسد كما سمعتم بأنه اغلق كل المنافذ للحل العربي والدولي ، اي عملياً فقد استنفذ كل الفرص ولو كانت شكلية ، ولهذا فإن غبائه وسلوكه ساهم بشكر كبير في انتاج هذه الحرب ، والساحة الآن تنتظر لحظة اعلان الرئيس الامريكي انطلاق العملية العسكرية في اي لحظة ، في توقيت تم انتظاره كثيراً وتم العمل عليه لسنين وتقوده عقول عبقرية شارك في نجاحها الدور العربي الذي كان يظنه الكثير انه دور جبان وخانع للإيرانيين ، والحقيقة هي ان السياسة هي كذلك ومن يضحك يضحك اخيراً ، وكما قلت مراراً وتكراراً ان العربية السعودية تقود مرحلة سياسية ناضجة وعميقة ومسؤولة وتستحق كل الدعم والاحترام ومعها الامارات العربية المتحدة ، لقد لعبوها صح ، نعم قد لعبوها بإتقان وبراعة ومضطر للمرة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة ووو ان ارفع القبعة لهذه السياسة العميقة والاستراتيجية بامتياز ، وايضاً للعقول الامريكية التي تسعى لمصالحها كحق لها مثيلها مثيل كل الامبرطوريات عبر التاريخ وليست بدعاً عن غيرها ، وهكذا سيسدل الستار قريباً على مرحلة من اقذر مراحل التاريخ ساهمت فيها ايران في تخلف العقل وتحييده وتدمير شعوب وحضاراتها من خلال احقاد طائفية أكل الزمان عليها وشرب . العميد مصطفى الشيخ

10 آب 2023 .

تعليقات