في عالم مضطرب أصبح فيه الخطر داخل منازلنا، بعد أن سلمنا بالتفوق التكنولوحي، واستسلمنا له، عادت أهم قضية تواجه الأسرة بشكل خاص، وهي تربية الأبناء بما يتمنى الأهل بعيدًا عن تأثير العالم الافتراضي الذي بات قرينًا لكل من يستخدم هاتفًا ذكيًا! لكن السؤال هل يمكن أن نوجد نوعًا من التلاؤم بين ما يقدمه العالم الافتراضي لأبنائنا مع شدّة تعلقهم بمغرياته، وبين ما نصبو إليه وما تعلمناه ودرجنا عليه؟.
لاحظت ممن حولي من الأطفال والمراهقين خاصةً، شدة تعلقهم والتصاقهم بأجهزة الموبايلات والألواح الإلكترونية مع عدم اكثرات ولامبالاة من الأهل بل فشلهم بالتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة على الطفل وسلوكه وبنائه الجسدي والنفسي.
بدايةً تسبب هذه الأمور الانشراح والانبساط والسعادة لما فيها من مغريات على كل المستويات، ولسهولة حصول الطفل على مايريد منها، وللأهل لسهولة إرضاء أطفالهم وتلبية رغباتهم بمنحهم هذه الأجهزة، ثم يصبح الطفل أسيراً لها بل مدمناً عليها ومن الصعب إقناعهم بالعدول عنها أو التخفيف من استعمالها، وهدر الكثير من الوقت في مشاهدة برامج، و ألعاب، وأفلام، قد تكون ذات محتوى سيئ كالعنف، والتطرف، ومواد إباحية، وأخبار مزيفة، ومعلومات مضللة، إضافة إلى التعرض للنصب والاحتيال والابتزاز والتنمر الإلكتروني الذي قد يقود المراهقين لارتكاب جرائم.
علامات إدمان الإنترنت
١- الانسحاب من الأنشطة المعتادة وعدم المشاركة فيها مفضلاً قضاء الوقت لوحده على الإنترنت
٢- صعوبة التوقف أو التقليل من استخدامه، مما يؤدي إلى قلة الحركة والنشاط البدني، ومايترتب على ذلك من أمراض كثيرة، كالبدانة والسكري وأمراض القلب والأوعية والعضلات والمفاصل، إضافة لتأثيره على الصحة النفسية، والاجتماعية، والسلوكية، وما تخلفه من اضطرابات يصعب علاجها أحياناً.
٣- الكذب، وهو علامة شديدة الخطورة يلجأ إليها الطفل والمراهق لإخفاء مواقع البحث، أو التذرع بطلبات كالمال، لتلبية حاجات مهمة له ولإشباع غرائزه بالاشتراك بمواقع لايفصح عنها.
ولسهولة تناول الإنترنت وأدواته من الأهل والأولاد، تهمل جوانب حياتية أخرى أكثر أهمية كالدراسة، والعلاقات الاجتماعية، والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وتنمية المواهب والهوايات الإيجابية المفيدة كالرياضة والرسم والموسيقا والمطالعة والكتابة.
كيفية التعامل مع إدمان الإنترنت
يفضل عدم اللجوء إلى العقاب وشدة التعامل، وإنما الإقناع بالحد من استعمال الإنترنت وأدواته تدريجياً، كطريقة سحب المخدر الدوائي، وقد يسبب هذا التصرف في البداية تقلب المزاج واضطراب النوم والانفعال السريع والشديد أحياناً وحتى الاكتئاب، ولكن يجب ألا يمنع الأهل من الإصرار بالاستمرار في تنظيم والتقليل من الوقت المسموح به لاستعمال الإنترنت، وتشجيعهم على قضاء وقت أطول مع الأهل والأصدقاء والتحدث معهم بأمورهم ومشاكلهم الحياتية وتشجيعهم على الكلام والتحدث مع الآخرين وطرح أفكارهم، وممارسة النشاط البدني، ومشاهدة فيلم أو مقاطع فيديو مع أفراد العائلة، والعيش في جو عائلي طبيعي، ويجب أن يكون الآباء والأمهات قدوة حسنة لأبنائهم في التحكم بالوقت في استعمال وسائل التواصل المفيدة، حيث دلّت الأبحاث أن الأطفال والمراهقين بشكل عام؛ يرون بآبائهم وأخوتهم الأكبر سناً قدوتهم، هم من يبالغ في استخدام هذه الوسائل، كما يجب على الأهل تشجيع الأطفال باكراً ما أمكن على تنمية مواهبهم وممارسة هواياتهم المفضلة، وزيارة الأماكن المفتوحة كالحدائق العامة، وحدائق الحيوان، والمتنزهات، والبحيرات، والغابات، وحضور الحفلات المدرسية المنظمة، أو في ارتياد نادٍ، لاسيما في أوقات العطل، ومحاولة إيجاد أنشطة ممتعة تملأ حياة الطفل بعيداً عن الشاشة، حيث تنمو معه هذه البدائل مع تقدمه بالعمر، وقد تكون بديلاً جيداً ومفيداً عن الإنترنت، كما يجب على الأسرة أن تحدد أماكن استخدام هذه الأدوات في المنزل، وعدم إدخالها لغرف النوم والطعام والحمامات أو استعمالها في المطاعم، ويجب أن يلتزم الجميع بها كباراً وصغاراً، ويمنع كسر هذه القواعد، ومنح مكافآت وعقوبات على من لم يلتزم بها.
يمكنكم مشاركة المقال عبر حساباتكم من هنا👇
تعليقات
إرسال تعليق