القائمة الرئيسية

الصفحات

قيصر,هنداوي,الشهيد قيصر هنداوي,الهنداوي,قيصر،,شهداء,الثوره,برومواهداء,ماهي لا والله مراجل,العباس ابن دير الزور,قصائد الثورة السورية,أبو,آصف،,أسد,الفرات،,الشهم،,الغضنفر،,اصلي,ديربرس,مقابلة,مع,سوريا,الجيش,السوري,الحر,مظاهرة,دمشق,حلب,جمعة,دير,الزور,القادم,الشرق,رثاء,الشهيد,الظفيري,youtube,لواء,درع,الفرات,دير الزور,الجيش الحر,محمد علي صابوني,


محمد علي صابوني  كاتب وباحث سوري

في العام ١٩٨٨ التحقت بالخدمة الإلزامية وقد تم فرزي إلى كلية الدفاع الجوي في ريف حمص (دورة ٥٩) وخلال تلك الفترة وفي ذات الكلية وذات الدورة تعرفت إلى شاب من دير الزور كان أشقراً وسيماً طويل القامة شديد البنية ومن العائلات المعروفة والمرموقة والغنية في دير الزور ، و سرعان ما تعمقت العلاقة بيني وبينه خاصة بعد أن عرف بأني (جزراوي) قادم من الحسكة و بأني أقرض الشعر النبطي حيث كان من محبي ذلك النوع من الشعر

مرت الأيام وكنا لا نفترق أبداً ، فبعد أن ننهي تدريباتنا وفي فترات الاستراحة كنا نجلس مع بعض زملائنا الجزراويين تحت ظل أشجار الكليّة وكان يطلب مني بشغف أن أسمعه بعض الأبيات الشعرية فقد كان ذواقاً للشعر ومستمعاً جيداً لا يخلو من رهافة الإحساس وسرعة التأثّر و يحمل في صدره قلباً رقيقاً طيباً و "دمعته قريبة" وقد فاجأني اكتشاف كل ذلك في شخصيته بعد أن كان قد تشكل لدي انطباع عنه بأنه شديد المراس ويملك قلبا قاسياً لا يعرف الرحمة وخاصة بعد الحادثة التي حصل فيها شجار بيننا وبين أربعة طلاب (متقدمين) من طلاب الضباط في الكلية "وهي المرحلة الأخيرة قبل أن يتخرجوا برتبة ملازم" وكانوا عبارة عن مجموعة من ريف اللاذقية تسلطوا علينا بحيث أنهم كانوا يستغلون فترة استراحتنا ليفرغوا عقدهم النفسية جراء استعبادهم من قبل الضباط المدربين فكانوا يكثروا علينا الأوامر والعقوبات العسكرية الجسدية إلى أن فاض بنا الكيل وقررنا الانتقام منهم وقد اقترح ذلك (الشاب الديري الشجاع) أن نستدرجهم إلى مهجعنا المتطرف ونغلق الأبواب عليهم و نوسعهم ضرباً انتقاماً منهم لتصرفاتهم الحاقدة و غير السوية مبرراً بأن جلّ ما يمكن أن تفعله قيادة الكلية هو أن تعاقبنا جسديا ونحن بالأصل نتعرض يومياً لتلك العقوبة فلا ضير إن عوقبنا بسبب شيء يستحق العقوبة ، وفعلاً حصل ما خططنا له وقد أبلى صديقي حينها بلاءً حسناً فكان ينقض على أحدهم ليرفعه إلى أعلى ويرميه فوق زميله وكأنه ينفذ "حركات هوليودية" لنستقبلهم نحن بالضرب واللكم،
فانسحب الطلاب الأربعة وهم يجرون ذيول الخيبة وراحوا يهددون بنا بعد أن خرجوا من المهجع و ابتعدوا عنا ، لكن الذي حصل هو أنهم لم يقدموا شكوى بحقنا خشية أن يستهزئ بهم زملاؤهم ، ولم نعد نراهم في ساحات التدريب خشية أن يتكرر ما حصل لهم، فكان ذلك اليوم هو آخر عهدنا بهم.

مرت الأيام وتم فرزنا أنا وصديقي الفراتي إلى اللواء ٣٨ دفاع جوي في محافظة درعا لنكمل خدمتنا الإلزامية أنا وصاحبي المتمرّد الذي لم يخفي كرهه للعنصريين الطائفيين من ضباط النظام الذين كانوا يخشون شراسته وتمرده وعنفوانه فكانوا يتحاشون التعامل معه قدر الإمكان .. 

وبعد عدة أشهر تم نقلي إلى قيادة اللواء لأتسلم مرسم العمليات والتدريب وانتقل هو إلى إحدى كتائب الصواريخ التابعة للواء ذاته والمسؤولة عن حماية أحد المطارات، ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخباره عني فلم تكن قد توفرت الموبايلات حينذاك ووسائل الاتصال تكاد تكون معدومة واستمريت بمتابعة أخباره  من المراسلين الحربيين القادمين من تلك الكتيبة إلى مبنى قيادة اللواء، إلى أن أتى يوم تسريحنا من الخدمة الإلزامية بعد احتفاظٍ بنا كإحتياطٍ عسكري لمدة ستة أشهر عقب انتهاء المدة الأساسية لخدمة العلم فالتقيته عند الباب الرئيسي في شهر آذار من العام 1991 لكن لأودعه وهو مكبل اليدين في سيارة خاصة بالشرطة العسكرية فقد علمت بعد حديثي معه أنه تم تحويله إلى سجن تدمر بعد أن قام بضرب أحد الضباط القادة في الكتيبة التي كان يخدم فيها على اثر مشادة كلامية قام خلالها الضابط الطائفي القذر بشتمه ومحاولة إهانته أمام زملاءه العسكريين.  


بقي أن أخبركم عن شخصية صديقي "الديري" هذا :
إنه الشهيد قيصر هنداوي (أبو آصف) رحمه الله .. الذي جاهد بماله وبنفسه والذي كان يمقت نظام الإجرام الأسدي منذ شبابه ومن قبل أن تنطلق الثورة السورية


ويحضرني هنا بعض أبياتٍ من قصيدة للدكتور أحمد الهواس نظمها في رثاء البطل قيصر رحمه الله وتقبله قبولاً حسناً:

يا  قيصرَ  الدير  يا رمزاً  لعزتنا 

يا قيصرَ الدير قد دانتْ لك الرتبُ


حملتَ  جرحك  نبراسا  لثورتنا 

فأسعفَ الجرحُ من هبّوا ومن غضبوا


وكنتَ  أولَ  من  ضحى  بأمنيةٍ 

بالمالِ بالنفسِ علّ الفجرَ يقتربُ.

شاركوا المقال عبر حساباتكم من هنا👇👇

author-img
عين على ما يحدث من أمور و سبر لما خفي بين السطور

تعليقات