من يفكر أو يعتقد أو يتخيل أو يتوهم أنه يمكن إزاحة نظام السيسي عن طريق انتخابات ديمقراطية شفافة، حالم أو واهم أو نائم أو في غيبوبة.
السسي لن يقبل أبدا أبدا أبدا أن يصبح "رئيسا سابقا"، ولا يمكن أن يتصور نفسه واقفا في قفص الاتهام أمام محكمة عسكرية أو مدنية ليُحاكم على جرائمه، ولا يتخيل أن يصبح حاكما سابقا يبحث عن مهرب أو مهجر أو ملجأ يعيش فيه بعيدا عن مصر، خوفا من كشف جرائمه وفضائحه وفساده وفشله، وخوفا من محاكمته على أيدي النظام الجديد، وبطلب من الشعب الذي حكمه بالحديد والنار.
لا يمكن أن يتصور السيسي نفسه لاجئا يعيش في السعودية مثلا مع أسرته كما فعل زين العابدين بن علي رئيس تونس المخلوع، أو يعيش في الإمارات كما فعل برويز مشرف رئيس باكستان المخلوع، ويصبح عرضة للمطاردة من سلطات بلده ومحاكمته بتهم الفساد والفشل وسوء الحكم وإغراق مصر في الديون ونهب ثرواتها وبيع أصولها ومنع الحريات وتكميم الأفواه وانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم ضد الإنسانية...الخ الخ.
السيسي الذي قال: ربنا خلقني طبيب أشوف وأوصف، ربنا قال لي حأخلي معاك البركة، فهمناها سليمان، أنا قعدت 50 سنة أدرس يعني إيه دولة، ما تسمعوش كلام حد غيري أنا بس، وإلى آخره من الكلام الذي يدل على مغالاة كبيرة جدا لقيمة نفسه والتي تصل إلى حد الغرور أو حتى إلى حد الخبل، واعتقاده أنه مُوحى إليه أو مُكلف بمهمة ربانية، لن يسمح أبدا أبدا أبدا لأي شخص أن يزيحه من مكانه ويقصيه من على كرسيه، الذي يعتقد أنه منحة من الله عز وجل، كما قال هو نفسه.
السيسي المهووس بدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأكبر مسجد وأطول برج وأعرض كبري وأعلى سارية علم وأثقل نجفة...الخ الخ، يعتقد أنه سيدخل التاريخ بهذا الإنجازات الوهمية، وأنه لابد أن يكمل مسيرته على أرض مصر لتحقيق إنجازات أكبر وأضخم وأكثر خلودا في التاريخ، وبالتالي لن يسمح أبدا لأحد أن يمنعه من تحقيق تلك الإنجازات والمعجزات والكرامات التي أوحى له الله بها.
هذا الهوس بالإنجازات المزيفة يغذيه في عقل السيسي وقلبه كل الملتفين حوله؛ كبار قادة المؤسسة العسكرية القابضون على الحكم والسلطة والاقتصاد والثروة، والإعلاميون الداعمون له والمسوقون لشخصه وإنجازاته للشعب المصري، وشيوخ السلطان الذين يقدمون السيسي للشعب على أنه ولي من أولياء الله الصالحين، والنخبة المثقفة المزيفة التي تتبوأ الصدارة في مجالات الفكر والثقافة والفن.
ولأن هؤلاء جميعا مستفيدون من السيسي وحكمه ونظامه، فهم مستميتون في الدفاع عنه وحمايته، ولن يسمحوا أبدا بإزاحته عن الحكم، وإلا ضاعت كل مكاسبهم ومصالحهم وامتيازاتهم ومناصبهم وثرواتهم، وخاصة إذا كان الوافد الجديد مدنيا ولا ينتمي للمؤسسة العسكرية.
في وجود كل تلك العوامل والظروف والملابسات والشخصيات، أتعجب كثيرا ممن يعتقدون أنه يمكن أن تُجرى في مصر انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة وشفافة، يفوز فيها شخص مدني على السيسي وينتزع منه حكم مصر.
أما القوى السياسية الوطنية وأحزاب المعارضة الكرتونية ورجال الدولة المدنية الذين يصرون على أنه يمكن لمدني منافسة السيسي والوصول لحكم مصر، فهؤلاء إما طيبون جدا أو سذج جدا أو على نياتهم جدا جدا جدا، ولا أقول متواطئون أو موالسون أو منتفعون.
فإذا سألني أحد: كيف سيرحل السيسي إذن؟!
سأجيب عليه أنني أعتقد، وفي رأيي المتواضع جدا، أن السيسي لن يرحل إلا بواحدة من ثلاث: إما بانقلاب عسكري جديد قد يكون انقلابا صريحا أو غير صريح، أو بإرادة من الله عز وجل وانتهاء العمر لأي سبب، أو بانتفاضة شعبية ساحقة تهدد بخراب البلد فتضطر شلة المنتفعين من السيسي للتخلي عنه .. وهذه بالذات لا أتمنى حدوثها أبدا.
أعتقد أن مواجهة الحقيقة المؤلمة أفضل كثيرا جدا من التعلق بأمل كاذب أو بوهم خرافي، أو السير وراء أوهام أو أكاذيب أو تضليل.
تعليقات
إرسال تعليق