وانا استمع إلى وسائل الاعلام التي تضلل الرأي العام وتريد ان تأخذه في الاتجاه المعاكس لما هو حقيقة وغايات الجامعة العربية من قمة جدة واستضافة بشار الكيماوي الكبتاغوني وينتابني الشعور بين الإشفاق على المواطن العربي العادي الذي فقد البوصلة ولا يعرف ما يحصل وبين العجب من بعض الاخوة الذين يقومون بالتحليلات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام وعدم وعي حقيقة ما يجري وراء كل هذا الحراك الذي شهدته منطقة الشرق الاوسط
وسأذهب مع هؤلاء المحللين وفق ما يعتقدونه ويروجونه والذي انعكس كنوع من الاحباط لدى المواطن السوري خاصة والعربي والاسلامي عامة ،وبأن القمة العربية ستقدم على خطة عمل وعلى مراحل { خطوة بخطوة } للوصول الى تطبيق القرار الاممي 2254 ذات الصلة ، من يعتقد من الدول العربية ان النظام في سوريا قادر ان يقدم اي شيء من شأنه تطبيق القرار 2254 فهو واهم حتى انقطاع النفس ، ذلك لأن مشكلة النظام الحقيقية ليست مع الانظمة العربية على الاطلاق ، جوهر المشكلة في سوريا بين النظام والشعب ، وإن اي خطوة باتجاه خلق بيئة امنة لعودة اللاجئين يعني ان هناك تنازل من النظام عن اهم ركائز بقائه ، فالمهجرين خارج سوريا بالملايين ، وهؤلاء المهجرين ليست مشكلتهم فقط انهم يحتاجون لبيئة آمنة كعفو رئاسي كما تتصور الجامعة العربية ، المشكلة ان هؤلاء المهجرين هم اهل الضحايا الذين قتلهم الاسد بالكيماوي والبراميل والذوبان بالأسيد والمجازر الموثقة ولهم ثأر معه ، وبالتالي ما قدرة الجامعة العربية على تأمين حياة هؤلاء او اجبارهم على العودة ؟ هذا يتطلب على ارض الواقع حل وحيد ويتيم وهو ازالة السلطة الحالية ، ثم هل بمقدور بشار الاسد ان يخرج الروس والايرانيين والاتراك والامريكان والبريطانيين والفرنسيين من سوريا ؟ هذا محال ، لأن قرار خروج هؤلاء مرتبط بملفات ليست سورية بل بأجندات تخدم مصالحهم ، كمبادلة بين امريكا وروسيا بين الملف السوري والحرب الاوكرانية ، وسابقاً كان طلب الروس التنازل عن جزيرة القرم ، هذا جانب ، والجانب الآخر ايران التي تستعمل سوريا لذات الاهداف الايرانية الخاصة بالمشروع الايراني وطموحاته والملف النووي ، فالأمر منحصر في احد اوجه تعقيداته في هذه المجال ، والصراع في جوهره بين الغرب وامريكا وبين محور روسيا ايران ، ثم ما هي امكانيات جامعة الدول العربية في فرض او انتاج حل يصطدم مع المصالح الدول العظمى التي تدور بينهم حرب طاحنة لا تراجع فيها الا بتحقيق كل منهم هدفه ، واذا قلت لي ان دول الخليج قادرة على اعادة الحد الادني من الاعمار وخلق بيئة آمنة من خلال تقديم مليارات الدولارات لنجاح مبادرتهم فأنت واهم ، هذا الامر مرتبط حصراً بالبنك الدولي ، والبنك الدولي ، بل والاقتصاد العالمي مرتبط بالدولار ، اي ان امريكا هي صاحبة القرار الفصل في هذا ، اضف ان العقوبات الامريكية لا تستطيع دول المنطقة والعالم بخرقها بدون شك ولا تردد ، اذاً حتى ولو ارادت دول الخليج والجامعة العربية انتاج حل وفق منطوقها في ورقة عمان فهي غير قادرة ، وبنفس الوقت كما اشرت فإن النظام فاقد اي مقومات السيادة ، وحتى امكانيات تغطية نفقات من تبقى في مناطقة غير متوفرة ، فكيف ستنجح الجامعة العربية ؟ هذه التصورات والتحليلات الاعلامية فارغة من اي محتوى يستحق الوقوف عنده او القلق ، فالأمر في سوريا قبل كل هذه التعقيدات والتي تشكل جزء اصيل ومرتبط استراتيجياً في قمة الصراع الدولي هي بين الشعب الذي يعرف بدقة متناهية ماهية هذا النظام الذي لم يعد مواطن امي بسيط لا يفهم بالسياسة الا ويعرف ان هذا النظام هو عصابة قاتلة منحرفة لم تترك حتى مجال انتاج وتسويق وتهريب المخدرات للقضاء على الأجيال الشبابية في المنطقة والعالم ، علماً انه لا يمتلك مورد اليوم الا ومن انتاج وتهريب المخدرات .
كل ما افترضه وفقاً لما يشاع من تحليلات سياسية هو ان امريكا وراء ما يجري وانها واسرائيل هي التي تحمي وتريد بقاء النظام السوري وهي ستوافق على تدوير النظام من خلال الجامعة العربية ، وهذا غير صحيح ولا واحد بالميار ، لانه يتناقض جوهرياً واستراتيجياتها ، بل هذا ان صح ما يشاع يعني انها تتآمر على امنها القومي ومعها اسرائيل ، وهذا التصور ضرب من الجنون والنزق
نعم انا اطلع على كل التحليلات وخاصة العربية ووسائل اعلامها ، ولكن متى كانت وسائل الاعلام العالمية اكثر من وسائل تعمية لاخفاء الحقيقة ؟ من يعتمد على وسائل الاعلام في التحليل والاستنتاج فاليحترم نفسه ويروح يشتغل غير شغلة تنفعه كما يقال بالعامية ، وسأعطيم مؤشر واحد فقط ستدركون ان خطورة ما اكتب على النظام وعلى الاخوان المسلمين تحديداً ، بعد كتاباتي والبث المباشر بدأ النظام والاخوان المسلمين يعاودوا نفس الكرة بتشويه صورتي لدى المواطن العادي الذي لا يعي ما يجري بهدف اسقاطي امام اهلنا الثائرين ، فعندما تطعن خصمك في قلبه بالتأكيد يعرف ان هذا الطعن وفي القلب هو قاتل ويحتاج الى دفاع مستميت ، ونسوا ان لا حيلة لهم سوى الكذب على البسطاء الذين لا يعرفون شيء من الحقيقة ، وهذا دليل ما ينتابهم من الألم اليأس بسبب ما اكشف حقيقة الوضع ودجلهم على اهلنا في سوريا خاصة والعالم العربي والاسلامي عامة ، والمستقبل سينبئكم من الصادق ومن المفتري ، وان مذمتي من فاجرٍ قاتل قتل اهله بالكيماوي فهو مدح لي وشرف ووسام اضعه على صدري ، مع ان عمري لم يبقى فيه ما يجعلني انحط لمستواهم وابيع شرفي ووطني وديني واخون اهلي من اجل عرض تافه سأناله في آخر حياتي ؟ ، لكن ما اكتبه قد اصابهم في مقتلهم تماماً ، [ وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى ] ، فإنني اطمئن اصدقائي وقرائي الغيورين بأن الجبل ان اصدم به صخرة ، فمن سيتحطم الصخرة ام الجبل ؟ { يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ] ، ستفشل كل هذه الجهود ، وما يحصل مخطط له ومعروف انه سيفشل وسيأتي بعده عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون بعون الله .
العميد مصطفى الشيخ.
ستوكهولم 22/5/2023 .
تعليقات
إرسال تعليق